الجمعة، 28 أغسطس 2009

حماس على طريق الإمارة


ثائر الناشف
قد يكون مفهوماً أن يغدو قطاع غزة حكراً على حماس وحدها ، لكن غير مفهوم أن تطعن بشرعية الفصائل الفلسطينية التي سبقتها في حمل راية المواجهة مع إسرائيل ، بمعنى أن المراحل التي سبقت ظهور حماس على الساحة لا يعتد بها من وجهة نظرها ، ابتداءً من منظمة التحرير الفلسطينية إلى ما هو عليه الحال اليوم .
والحال في الضفة والقطاع أسوأ بكثير من الحال داخل الخط الأخضر ، والذي قد يكون أهله في نعيم لا يقاس أمام جحيم انقسام الأخوة داخل أراضي عام 1967 ، على الأقل لا يوجد داخل الخط الأخضر انقلابات ولا تصفيات أو سجون بين الأخوة ، حتى لو مارسها الاحتلال على شكل اجتياحات وتوغلات واغتيالات ، فان أثرها أقل وقعاً على النفس ، لاسيما عندما يمارسها الأخ تجاه أخيه .
فماذا يمكن أن نسمي رفض حماس الاعتراف بشرعية المجلس الوطني الفلسطيني واللجنة التنفيذية المنبثقة عنه ، وبذات الوقت تقاتل لأجل الاحتفاظ بنصيبها من سلطة أوسلو ، فهي تقبل الانضواء في عملية أوسلو ، إذا ضمنت لها الفوز في الانتخابات التشريعية بأغلبية ساحقة ، وترفض الاعتراف بمنظمة التحرير إذا لم تكن مفصلة على مقاسها ، أي أن يكون لها حصة لا تقل عن حصتها في الحكومة .
حماس تريد اختزال القضية الفلسطينية بمصائب غزة وأهوالها ، أي الظهور بمظهر "الممانع" لكل أشكال الحصار ، و"المقاوم" لكل الحروب ، والآخرين في الضفة والشتات ليسوا سوى أجراء للاحتلال يلهثون وراء سراب السلام الخادع .
إذن ، يحق لحماس أن تفعل بغزة ما تشاء ، ولا يحق لغيرها أن يحرك ساكناً ، فهي تمنع أي فلسطيني ينوي السفر إلى الضفة بداعي مشاركة إخوانه في مؤتمرهم العام كما جرى مع مؤتمر فتح السادس ، وهي تمنع حجاج بيت الله الحرام من مغادرة أراضي القطاع إلى مصر ومن ثم إلى الأراضي المقدسة لأداء فريضة الحج ، إذا كان موقفها السياسي لا يتطابق مع موقف سكان الضفة وتالياً مع موقف مصر ، وهي تخلق المناخ الملائم لنمو التطرف جراء الحصار والإغلاق وفقدان الناس لمصدر رزقهم وعيشهم من المساعدات والإغاثة الأممية ، فضلاً عن فقدانهم لرواتبهم من بنوك الأسرة الدولية ، وآخر صور هذا التطرف تمثل بظهور جماعة أنصار جند الله وإعلانها القطاع إمارة إسلاموية .
وبالمقابل ، لماذا تستحي حماس الإعلان عن إماراتها الإسلاموية على أنقاض ما دمرته آلة الحرب في غزة ؟ هل لأن ذلك يغضب الحلفاء في دمشق وطهران خشية من إثارة مخاوف دول الجوار وعلى رأسهم مصر ولبنان والأردن من حتمية ولادة ولاية حزب الله في لبنان أسوة بإمارة حماس ؟ إذا كان هذا التحليل صحيحاً ، فإن حماس تلعب لعبتها بصمت وتسير على طريق الإمارة بتأنٍ وتمهل ، ولأجل ذلك تصارع الوقت ، أكثر مما تصارع إسرائيل ، لتثبيت وتعضيد أركان إمارتها الفتية ، وهو ما يفسر تعثر جهود الحوار الوطني في إنجاز المصالحة المرجوة .
Thaaer-1@hotmail.com





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق