الجمعة، 21 أغسطس 2009

الزعامة من حصة الأسد

ثائر الناشف
ما الذي دفع بشار الأسد إلى رفع سقف تصريحاته رداً على تدخل الغرب في انتخابات الرئاسة الإيرانية ؟ سؤال قد يبدو للبعض غامضاً ، لكنه في حقيقة الأمر ، لا يعدو كونه شعوراً بـ"النصر" ، النصر في إجراء الانتخابات الإيرانية ، وفوز احمدي نجاد ، ولو عن طريق تزوير إرادة الناخبين والتغرير بهم ، والنصر في اعتقال واحتجاز مئات المحتجين على الانتخابات ، والنصر على النصر ، لا يعني سوى النصر على الوهم .
يبدو أن الأسد يحذو حذو تصريحات نجاد النارية التي عزلت إيران عن محيطها الدولي ، وبذات الوقت أعادت انتخاب نجاد رغماً عن أنف الإيرانيين وبمباركة وتأييد المرشد الأعلى ، وهو ما يفسر الوحدة التي تغنى بها الولي الفقيه في حضور الأسد .
أياً كانت خطب نجاد ، وفي أي اتجاه ذهبت ، فإن الأسد أشد حرصاً على عدم استفزاز الغرب وتوتير العلاقة معه ، فالملفات التي في يده ، هي ذاتها في يد طهران ، ما يجعل هامش المناورة حكراً لدى الأخيرة وحدها ، فإذا ناور الأسد ، فإنه يناور على حسابها ، وإذا صرح ، فإنه يصرح باسمها ، وهذا ما حصل في زيارته الأخيرة لها .
تراكم الملفات العالقة بين إيران والغرب ، سيصار إلى التحرك صوبها إن عاجلاً أو آجلاً ، ولا يعني التحرك إذا ما جرى ، نصراً مؤزراً كما تحب أن تفهم ، ويشاركها الأسد هذا الفهم الخاطئ ، أو لنقل فهم استباق الأمور قبل وقوعها على أنها نصر مبين ، للتقليل ما يمكن من الخسائر والتنازلات المتبادلة حول تلك الملفات وعلى رأسها الملف النووي والعراقي .
وبالعودة إلى السؤال الأول ، تبدو الإجابة عنه متشعبة وتطرح في داخلها احتمالات عديدة ، قد يكون الأسد حصل على ما كان يريده من زيارة رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي ، وقبلها زيارة الوفد العسكري الاميركي ، وقد يكون انتابه شعور بالزعامة الإقليمية ، وهو يرى أعمدة الدخان ترتفع في كل بقعة ، حتى في طهران التي ارتبط بها ارتباطاً عضوياً ، فيما دياره منيعة في وجه العواصف .
لطالما ورث الأسد الابن أبيه في السلطة ، فلماذا لا يرث الرئيس جمال عبد الناصر في الزعامة ؟ لاسيما وأن الأسد الأب ، فعل المستحيل لسحب بساط الزعامة من تحت أقدام عبد الناصر ، لكن من دون جدوى ، رغم هزيمتهما المدوية في حرب الأيام الستة 1967 .
أمنية لم تتحقق للأب فما الذي يحول دون تحقيقها للابن ؟ ما يحول أن عصرنا هذا ، ليس عصر الزعامات المهزومة ولا المأخوذة بأبهة النصر الإلهي ، فالزعامة الحقيقة تجيب عنها وكالة أنباء النظام السوري التي تغاضت عن إيراد تصريحات رئيسها كاملة ، وهي أن لا تصرح شرقاً وتلحس بطرف لسانك ما صرحت غرباً .
Thaaer-1@hotmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق