الاثنين، 20 أبريل 2009

الأحواز في القلب

  1. ثائر الناشف
    من شدة الهموم والمشكلات المحيقة بنا كدنا أن ننسى القضية الأحوازية التي لا تقل أهمية عن باقي القضايا , وإذا كان ثمة تجاهلاً رسميا لها على مستوى القيادات العربية , ينبغي ألا يتحول هذا التجاهل المدان إلى الشارع العربي , لذا يجب التركيز على عدالة هذه القضية , قبل أن يطويها النسيان وتصبح في دفاتر الماضي .موقع القضية الأحوازية يجب أن يكون في القلب , مثل أي قضية أخرى , لتبقى حاضرة دوماً في الذهن , نشعر بها وبما تعانيه من مأسٍ ومحن كما نشعر بأنفسنا , لطالما استمر صوت الأحوازيين مدوياً في وجه الاحتلال الإيراني ولم يخفت مثلما خفت صوت بعضنا متواطئاً أو متحالفاً مع إيران . في كل يوم يتعرض الشعب الاحوازي لأبشع أنواع القهر , وهو قهرٌ لا يعدله قهر في التاريخ كونه يمارس ظاهرياً باسم الإسلام , والسؤال هنا , هل يجوز للمسلم أن يعتدي على أخيه المسلم ? لكنه يمارس باطنياً بفعل القومية الفارسية الطامحة والطامعة لكل ما هو حولها? يزداد هذا القهر بؤساً في صور عنصرية أشد قتامة من أي صورٍ أخرى , صورٌ باتت تصلنا من الواقع بلا تجميل أو تزييف , وما يثير الاستهجان استمرار الصمت المطبق والاستحياء الفاضح المرتسم على وجوه بعض العرب , كأنهم نسوا أن لهم قضية اسمها الأحواز , هل يمكن أن ننسى سيطرة شاه إيران رضا خان على هذه الأرض العربية الغنية بمواردها وثرواتها وحضارتها العريقة في عام 1925 وأسرة
    ومن ثم قتله للشيخ خزعل الكعبي ? إن تكاثر قضايا العرب المصيرية لا يغلي أو يقدم إحداها على الأخرى , نقول هذا والقضية الفلسطينية تعيش أعقد مراحل الانقسام إلى جانب القضايا الملتهبة في العراق ولبنان , ولا تفوتنا مشكلات السودان , لكن أن تسقط قضية بحجم الأحواز من الحسابات العربية في اجتماعاتهم وأثناء قممهم , فهذا وللأسف مؤشر على خروج الأحواز من دائرة الاهتمام العربي.
    أمام هذه الصور الفظيعة والممارسات الشنيعة التي تقترفها إيران ضد أهل الأحواز منذ أن غزاها الأخمينيون بزعامة " بذي الأكتاف" قوروش عام 539 ق.م , والذي لا زال الإيرانيون يفتخرون بمجازره الرهيبة وعمليات نزع الأكتاف التي كان يرتكبها ضد شعب الأحواز والجزيرة والخليج العربيين , كل هذه الانتهاكات لا زالت مستمرة وأن اختلفت الأساليب والوسائل من عصر لآخر .
    المؤرخون الإيرانيون يعترفون في وثائقهم بعروبة الأحواز أرضاً وتاريخاً , رغم محاولات الفرسنة والتوطين والاجتثاث , يبقى الشعب الأحوازي أكثر تمسكاً بلغته وتراثه العربيين , ونعتقد ان الوقت حان لأن تأخذ القضية الأحوازية مكانها الصحيح في صدارة اهتمامات الدول العربية , وأن يقال لإيران كما يقال لإسرائيل , فالمحتل مهما تغيرت طباعه يظل محتلاً , وإلا فإن التاريخ لا يرحم.
    Thaaer-1@hotmail.com

الأحد، 19 أبريل 2009

أباطيل ثقافة " المقاومة"


أباطيل ثقافة "المقاومة"
ثائر الناشف
السائر في أرجاء المدن السورية سيجد يافطات حمراء اللون تحمل عنواناً كبيراً في معناه ضئيلاً في مبناه ، عنوان : فلنعزز ثقافة " المقاومة" ، وعلى هذا العنوان يضيف أحد البسطاء الذي لا يجد ما يقتات عليه ، كيف سنعزز هذه الثقافة , أنعززها على طريقة شباب " باب الحارة" التي سحرت القلوب وسلبت العقول ، أم نعززها على طريقة خلايا " حزب الله" التي انكشفت عمالتها ؟.
وكأننا في عصر الستينات من القرن الماضي ، عصر العضلات المفتولة والحناجر الصداحة والشعارات البراقة ، وأيضاً عصر الهزائم المتتالية ، لا بل نحن في عصرنا هذا ، عصر ثقافة " المقاومة" ، بعدما كنا في عصر الصمود والتصدي والتحرير ، فعندما عجزنا عن إنجاز التحرير من البحر إلى النهر ، كان من الطبيعي أن نسير في ركب " المقاومة" ، حتى يذكرنا التاريخ ويسجلنا في سطوره ، هذا هو مفهوم " المقاومة" عند أصحاب هذا الخطاب وهذه الثقافة العرجاء ، والتي لا أساس لها إلا في علم الفيزياء .
فكيف يريدون جعلها ثقافة وهم أبعد ما يكونون عنها ، لن نحاجج أحداً ، لكن هل نصت أدبيات حزب البعث على " المقاومة" ؟ أليست بدعة إذن ؟ سيما وأن أدبيات البعث تدعو إلى الثورة التي انتهى مفعولها لا إلى " المقاومة" ، والتاريخ العربي مليء بالثورات حتى قبل وجود حزب البعث ، تاريخٌ شَهِدَ ثورات شعبية وليست ثورات أنظمة ، هدفها التحرر أولاً ، ولنا في ثورة سعد زغلول في مصر عام 1919 وثورة إبراهيم هنانو في سورية خير مثال .
ليس غريباً أن تنادي حماس وحزب الله بالمقاومة باعتبارهما تعلنان عن ذلك ، لكن الغريب في الأمر لجوءهما إلى هذا المصطلح الفضفاض ، مصطلح " المقاومة" ، ولجوء النظام السوري والإيراني في تبنيه ورفعه عالياً إلى مرتبة القداسة ، ربما نادتا " بالمقاومة" لأنها حمالة أوجه ، فمرة تكون " مقاومة" وأخرى تغدو مقاولة ، أي " مقاومة" العدو ومقاولة الصديق تارة ، و" مقاومة" الصديق ومقاولة العدو تارة أخرى ، وكأننا في جدل فلسفي غير منقطع .
كيف يمكن أن نعلل مناداة النظام السوري " بالمقاومة" والدعوة إلى جعلها ثقافة تتشربها الأجيال ، وماذا لو تضخمت ثقافة " المقاومة" عن الحد المعقول والمسموح به وطالبت هذه الأجيال " بالمقاومة" لتحرير الجولان ، من الواضح أنها لن تتضخم لأنها في الأساس مقاولة تسعى دائماً وأبداً إلى عقد الصفقات أحياناً وإلى التهدئة أحايين ، و إلا كيف يمكن أن تكون " مقاومة" ومفاوضات السلام جارية في السر والعلن ، وكيف ستقرأ إسرائيل التي لا يفوتها حرف واحد ، أن السلام لن يتحقق إلا " بالمقاومة" ، ماذا ستقول عنا ؟ ستقول قبل أن تهزئ منا ، لعبتكم لعبة قائمة على مبدأ التقية ، في الظاهر " مقاومة" وفي الباطن مقاولة ، وهي أي إسرائيل ، مستعدة للوجهين في أي زمان ومكان .
أخيراً بقي علينا أن نقول ، لطالما سئمت الشعوب أباطيل " المقاومة" وراحت بدلاً من ذلك ، تفتش عن ما يسد رمقها ، فإن المعنى الوحيد " للمقاومة" ، ليس المناورة أو المقامرة ولا حتى التقية ، بل إنه دليل إفلاس كبير واستعداد لطوفان عظيم ، لن تجدي معه الشعارات المستهلكة ولا الثقافات المسطحة .
Thaaer-1@hotmail.com

الجمعة، 17 أبريل 2009

لا.. حدود للصمت في سورية

ثائر الناشف
تمضي عقود من الزمن, والسوريون لا يزالون على حالهم المزرية مبعثرين, بين وطن أحكم رقابته على فكرهم, واعصب عيونهم عن رؤية العالم الآخر بكل تناقضاته وسجالاته, ومنفى أنساهم الأرض التي ولدوا عليها, وسواء كان هذا المنفى ايجابياً بتعريفه إياهم أصول الحياة وكيف يصير فيها الإنسان مواطناً حياً, له من الحقوق ما لغيره,أم سلبياً زاد عليهم النوائب أكثر مما عايشوه ووجدوه في سورية, التي شاء القدر أن تحذف من أذهانهم بعد أن حولها رعاتها إلى أرض يباب,لا يطمع فيها جائع أو تائه, ربما لأنها ضاقت بهم ذرعاً فنفتهم, أو هم من ضاق منها ذرعاً فنفوها من قلوبهم, مَن ينفي مَن ? ولماذا كل هذا النفي? قسرياً كان أم طوعياً .الجواب على هذا التساؤل واسع, ولا يتوقف عند حد معين, لكن الجانب المثير للقلق أنه كيف بالإمكان أن يشطب الإنسان أياً كان جنسه, وطنه من ذاكرته بهذه السهولة? الأكيد أن البشر على اختلاف طبائعهم وأعراقهم, محكومون بقدر كبير من العواطف والمشاعر, تجاه ذويهم وأرضهم وكل ما يمت بصلة لماضيهم السحيق. إن السوريين حقيقةً باتوا أشبه بأسراب البط المهاجرة لا تتوقف على مدار فصول السنة, بحثاً عن واقع أفضل ينجيهم من شرين مستطيرين, الأول أنهم انسلخوا من محيطهم العربي لشعورهم بأنهم أصبحوا عبئاً ثقيلاً على أشقائهم في لبنان والعراق, وقد لا يكونون راضين عما يحدث لكنهم مدركون أنهم أرغموا على الانسلاخ في لعبة إقليمية, ليسوا فيها سوى أحرف تتبدل هوياتهم بتبدل الأحرف نفسها, على أن هدف هذه اللعبة التي تسترهن البلاد وتأسر العباد في أجواء ملئها الفقر والحرمان من أبسط معاني الحياة, بقاء الأنظمة. الثاني لإيجاد ما يروي ظمأهم, وفي الوقت نفسه هرباً من بطش الطبيعة الاستبدادية وقوانينها المشرعة لصالح أسيادها "المتجذرين" رعباً وهلعاً في نفوسهم, إنه هروب مفاجئ لم تشهده سورية قبلاً عبر تاريخها الطويل, المتعارف عليه أن العالم في السابق يحدد وجهته قاصداً سورية.اليوم وفي ظل أجواء التحالفات المعكوسة, انقلبت المعادلات والموازين رأساً على عقب, وتحول السوريون من مقصود إليهم إلى قاصدين صوب عالم آخر, وأرض أخرى.بعض السوريين فقد معنى الوطن, نتيجة ذوبانه في المغتربات, كونها أضحت تشكل الملاذ الآمن له من سنوات الشقاء الأولى, فكلمة وطن تذكره بالشقاء, لذا تجده دائماً يهرب من لفظة وطن, البعض الآخر خرج طوعاً بمحض إرادته, نتيجةً لسأمه من واقع التعقيدات اليومية غير المنتهية, ولا يفكر بالعودة إلى دياره, كونه أصبح محكوماً بحواجز وحدود لا ينبغي تخطيها, حدود فرضها عليه الوطن الجديد, كثمن لخروجه من الوطن القديم, فإن عاد إليه لاقى مصيراً مجهولاً, وأن بقي في وطنه الجديد بقيت حدود الوطن القديم ترتسم في مخيلته .الصمت الطويل صار جزءاً من ثقافة السوريين, لقد وجدوا أنفسهم أمام مشكلة عالقة لا حدود لها, يصعب حلها, مع ذلك يستحيل القطع بأن لا حلول لها, فثمة من يعتقد أن الحل يكمن بتحطيم الحدود المادية التي صنعتها اتفاقات الدول ومعاهداتها, وثمة من يرى أن الحدود المعنوية (النفسية) هي التي ينبغي تحطيمها أولاً, من دون تحطيم النفس, وإلا فقدنا الشعور ودخلنا في اللا شعور, ولأن الحدود المعنوية لا ضابط ولا رقيب عليها إلا ضمير الإنسان, وبالتالي يسهل تحطيمها, نتساءل هنا: ماذا كانت النتيجة عندما حاول تيار التغيير الوطني المسالم ويتقدمهم أنور البني وميشيل كيلو تفكيكها فقط وليس تحطيمها, الحجر عليهم وإبعادهم عن الوطن الذي حلموا به, بسبب وهنهم لنفسية الأمة !, أين هي هذه الأمة ? ما صفاتها وحدوها ? من أفرادها وحكامها ? فإن وجدت هذه (الأمة), وقتها نستطيع القول إن هاجس القلق والخوف من المجهول, الذي طالما لاحق السوريين طويلاً في منفاهم, بدأ يتحطم تدريجياً, وغير ذلك يعني استمرار الصمت بحدوده المقفلة .

الخميس، 16 أبريل 2009

النبي جلعاد شاليط

النبي جلعاد شاليط
ثائر الناشف
ليس موضوعنا الإشارة إلى خطف الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط أو خطفه ، فكل بحسب مسمياته، إنما الوقوف عند الطريق المسدود الذي توقفت عنده مفاوضات الصفقة على رأس الجندي شاليط مقابل الفك عما يقارب عن 400 رأس فلسطيني .
قبل أن نخوض في موضوعنا هذا ، أود التذكير بعجالة قول الأجداد العارفين بطبيعة اليهود ، وحقيقة أن دم اليهود غال وثمين ، وأن قطرة دم اليهودي الواحد ، تعادل بحور من دماء الآخرين وحياتهم ، فعندما يُجرح اليهودي عمداً أو بغير عمد، تراه يتخبط ويتوعد بقطرة الدم التي أهرقها من كيانه .
هكذا إذن نفهم أن ما يحتويه الجندي الإسرائيلي شاليط ، الذي أوشك أن يتحول إلى نبي جديد من أنبياء إسرائيل ، من دماء تعادل دماء أكثر من 400 فلسطيني .
الفلسطينيون يعرفون أن جندياً إسرائيلياً واحداً ، يعادل مئة منهم أو أكثر ، وكذلك يعرف العرب الباقون ، هذه الحقيقة التي جعلت دماء الخصم ثمينة ودماءهم رخيصة ، وهم يبررون ذلك في سبيل الشهادة واستعادة الكرامة وتحرير الأرض .
فكلما ماطلت حماس وزادت من شروط صفقة تبادل الأسرى مع إسرائيل ، كلما زاد ثمن شاليط ، الذي غدا بالنسبة لإسرائيل ، وهو لم يتجاوز العشرين من عمره ، أغلى وأهم من أي شيء آخر ، وربما أصبح كيانه قضية أمن قومي بالنسبة لإسرائيل ومؤشر على قوة الدولة أو ضعفها .
أي إنسانٍ هذا شاليط ؟ هل فيه مسحة من النبوة ، أم أنه نبوة إسرائيل الجديدة وشبابها الدائم ؟ وعلى هذا، مَن قال بأن إسرائيل تقتل أنبياءها ، أليس شاليط ، الذي لأجله حوصر أكثر من مليون ونصف إنسان في قطاع غزة ولازال ، أثمن وأقدس من أي نبي آخر في تاريخ إسرائيل .
لكن دعونا نقف مع أنفسنا لبرهة قصيرة ، ونساءل ولو من باب التندر، لماذا لا يكون أحدنا أغلى وأثمن من شاليط ، ومتى نصبح على هذا القدر من الأهمية ؟.
الجواب على ذلك متعدد الاتجاهات ، اتجاه يقول حتى نوقف تكفير بعضنا ، وبالتالي نوقف نحر بعضنا لبعض ، واتجاه يقول حتى نشعر بالمواطنة أولاً ونلغي أنظمة الإلغاء والإقصاء ، واتجاه أخير يقول ، حتى نستعيد إنسانيتنا المسلوبة نتيجة الفعلين السابقين ، فعل التكفير الممارس من قبل مشايخ الجهل والغرور ، وفعل الإلغاء الممارس من جانب الشراذم الطائفية - المذهبية المستبدة التي لا يعنيها سوى استئثارها بالثروة والسلطة إلى أبد الآبدين .
Thaaer-1@hotmail.com


الاثنين، 13 أبريل 2009

مسرحية الزمن الرديء

  1. إن هذه المسرحية تطرح جملة من القضايا السياسية والاجتماعية التي يعاني منها المجمتع العربي ككل ضمن قالب أدبي واقعي وتراجيدي، تدورأحداثها في بلد عربي هو الإمارات .
    شخوص المسرحية ثلة من الشباب العربي ، تطرح المسرحية هموم كل واحد منهم في بلده الأم ، إلى جانب همومه في المكان الذي يقيم فيه ، بحيث تشكل مجموع هذه الهموم لوحة فنية متكاملة الأبعاد والألوان ، فجزء من هذه اللوحة يكشف التآخي والتعاضد الحقيقي القائم بين قلوب وليس ذاك الموجود في لغة الشعارات ، كما تبين حالة التعايش بين الأديان ، وعليه فإنها بذلك تدعو إلى السلام من دون تردد ، تتحسر وتنتقد على حالة الواقع العربي الرديء ، ترسم صورة أفضل لمستقبل هذا الواقع من خلال معالجة كل مشكلة من مشاكل الشباب ، تسلط الضوء على قضية حرية المرأة وخصوصا في المجتمعات الخليجية وحالات العنف التي تتعرض لها جراء العقلية القبلية ، تعطي صورة من صور الحب البعيد عن المنفعة والمصلحية .تقع المسرحية في خمسة فصول وكل فصل يحتوي على عدد من المشاهد كل مشهد يطرح قضية اجتماعية حية , ولا تخلو المشاهد من شجون السياسة وأحاديثها الساخنة , ضمن قالب أدبي تترابط عقده من البداية حتى النهاية .الغاية من المسرحية سبر أغوار الواقع العربي , وإلقاء نظرة فاحصة من الداخل , ترصد متناقضاته وتحرض على كسر محرماته , كما وتحاول جاهدة لقلب الواقع بالقدر الممكن , ليسهل نقله من حالة الشتات واللامبالاة تجاه الآخر إلى الحالة السليمة التي تتوخاها المسرحية عقب كل مشهد .بالرغم من تحديد مكان المسرحية في إمارتي دبي والشارقة , فإن حركة شخوصها تمتد من المحيط إلى الخليج , كل شخصية تتحرك بإيقاع بلدها الذي تنتمي إليه , لكن ذلك لا يمنع اتحادها داخل سقف واحد , وحده الهم هو الذي يجمع بين قلوبها ووحده البؤس الذي يشتتها , ولأن زماننا الذي نحياه كل ما فيه رديء , فجميع محاولات إصلاحه محتوم عليها بالفشل , ومن جوف هذا الزمن يموت السلام ويذبل الحب ويتقهقر الفن .

الأحد، 12 أبريل 2009

حقائق استراتيجية إيران المرعبة


لم تكن المعلومات التي كشفت عنها التحقيقات المصرية بشأن شبكة حزب الله الأمنية المؤلفة من تسعة وأربعين عضواً والمنتمين إلى جنسيات مختلفة ، إلا حلقة صغيرة من حلقات أكبر أكدتها التقارير الدولية التي ظلت لفترة طويلة تتابع أجواء الحرب الباردة بين طهران والقاهرة ، إن على خلفية الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة أو على خلفية عرض فيلم إعدام الفرعون ، الذي شكل عرضه المتكرر استفزازاً مزعجاً لأحد رموز مصر، الرئيس الراحل أنور السادات . كما رصدت تلك التقارير ، سلسلة التحركات السياسية والأمنية لحزب الله ، خصوصا بعد احتدام الخلاف بين القيادة المصرية وشخص حسن نصر الله في أعقاب حرب إسرائيل على جنوب لبنان صيف العام 2006 ، والتي دعته إلى تحمل مسؤولية مغامراته في لبنان . ولم يكن حزب الله في يوم من الأيام مجرد صديق لإيران أو سورية ، مثلما صرح زعيمه نصر الله في معرض رده على اتهامات النيابة العامة المصرية الموجهة أساساً إلى أفراد الشبكة المعتقلين ، إنما هو ذراع إيران الضاربة ( عسكرياً وأمنياً وسياسياً وحتى إعلامياً وثقافياً ) وبالتالي يستحيل أن يدعي الحزب أنه لبناني المنشأ والهوية ، ولو اتخذ من الأرض اللبنانية منطلقاً لمجمل عملياته العسكرية ، فمذكرات السفيرة الاميركية السابقة في بغداد ودمشق ابريل غلاسبي ، اعترفت أن الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد خدعنا بالوقت الذي كانت فيه قواته تعمل على تصفية الوجود الفلسطيني في لبنان في مطلع الثمانينات ، كانت أيضاً تساهم بالتعاون مع إيران في تكوين حزب الله وتسهل عليها عبر الممرات البرية والجوية بإمداد الحزب في كل ما من شأنه أن يجعل منه رأس جسر تستطيع إيران من خلاله الإطلال على ساحل المتوسط واستخدام أراضيه (لبنان) وما يجاوره في عملية تصفية الحسابات الإقليمية واستخدامه ساحة من ساحات الصراع المفتوح . لكن نصر الله ، الذي أقر بانتماء اللبناني سامي شهاب إلى عضوية حزبه ، فإنه بالمقابل لن يقر بتبعية حزبه لإيران ، إذ كيف يمكن لحزب يقول بأنه لبناني الهوى والهوية ، أن ينقلب على الدولة اللبنانية في السابع من مايو عام 2008 ، ويهدد بالسيطرة على مرافقها الحيوية ، فلماذا لا يقبل بأن يكون سلاحه في عهدة الدولة اللبنانية وقت السلم أو الحرب ، ثم متى كان يحق للأحزاب في العالم أن تختزن السلاح بعيداً عن أعين الدولة أياً كانت الحجج والذرائع ؟. كل هذا الكم من المعطيات كشف جزءاً يسيراً من الاستراتيجية الإيرانية في منطقة الشرق الأوسط على مستوى صنع الأتباع والأحزاب والحركات في الدول المتهالكة بفعل الصراعات والمشاكل الداخلية كحال لبنان إبان الحرب الأهلية ، والخشية على العراق في ظل أوضاعه الأمنية بالوقت الحاضر .وهذا التغلغل الإيراني ليس له ما يبرره سوى محاولة الهيمنة على أكثر من دولة عربية ، فكيف لإيران " المسلمة" أن تقبل بمد يدها لأرمينيا في حربها الضروس ضد أذربيجان المسلمة ؟ هذا السؤال يقودنا إلى سؤال آخر ، وهو هل من الممكن أن تهرع إيران للوقوف والمساندة لأي دولة عربية بما فيها الحليفة سورية ، فيما لو تعرضت للأذى والخطر؟ الجواب يكمن لدى العراقيين الذين تعرضت بلادهم لحرب باركتها إيران سراً . إذن ، إيران اليوم في غمرة حربها الصامتة ضد ما تعتبره محور الاستسلام والخنوع ، ورأس الحربة حزب الله ، الذي انتفت الحاجة لدوره في جنوب لبنان من بعد العام 2000 واستكمل لاحقاً بعيد حرب يوليو 2006 بموجب قرار مجلس الأمن 1701 الداعي لنشر القوات الدولية على الحدود اللبنانية – الإسرائيلية ، فبعدما شعرت إيران بثقل حركة حزب الله في الساحة الداخلية اللبنانية ، كان لابد من بديل عنه ، وهذا البديل ظهرت حاجته للمال الإيراني كما ظهرت حاجة حزب الله ، والمهم لإيران أنه بديل من بلاد الطوق ، وبالتالي وجدت طهران في حركة حماس الاخوانية البديل الأقرب إليها إستراتيجياً ولو ابتعدت عنها أيديولوجياً ، واتضحت الصورة أكثر ، حينما انقلبت حماس على الشرعية التي وصلت من خلالها إلى سدة الحكم ، وعلى إثرها بدأت الأحداث في لبنان وغزة تتفاعل بوقت متزامن وعلى إيقاع واحد ، وهي إحداث لم تتضح معالمها النهائية بعد ، وأن اتضحت بداياتها الأولى .فسيل الحقائق عن استراتيجية إيران ، لن تكذبها طقوس التقية السياسية التي يفلح ساسة طهران وأتباعهم في لبنان وغزة في انتهاجها ، فإذا كان نصر الله ليس طرفاً في أي معادلة سياسية داخلية لأي بلد عربي - كما يقول- فلماذا اتهم مصر وحدها من دون سواها بالمشاركة في حصار غزة ، ولماذا حرض الشارع المصري على الخروج ضد حكومته ؟ أما الأمر الآخر، إن كان حريصاً على دعم المقاومة في العراق وفلسطين وفي مساندة الفلسطينيين عبر الحدود المصرية مع غزة ، فلماذا لم يبادر حتى الآن إلى دعم مقاومة السوريين في الجولان السليب منذ أكثر من أربعين عاماً ، وهو الأقرب إليه جغرافياً من غزة ؟ . أليست استراتيجية إيران الإقليمية أوسع مدى وأكثر انتشاراً من أي استراتيجية أخرى في العالم ؟.