السبت، 16 مايو 2009

ربيع الديمقراطية في الكويت


ربيع الديمقراطية في الكويت
ثائر الناشف
رغم حرارة شمس الكويت التي لا تتيح مجالاً لفصل بالحلول محل فصل آخر ، إلا أن المتفحص لواقع الكويت ، سيلاحظ أن الحراك السياسي وعلى اختلاف ألوانه ، أحدث تحولاً في كل مناحي الحياة وساهم مفعوله الأساسي في صناعة الديمقراطية ، التي إن أزهرت ، فإن زهرها لا يذبل لطالما استمر ربيعها ، أي استمر حراكها على ذات القدر من الدفء والحيوية .
ليست الديمقراطية في الكويت عملية اقتراع في موسم انتخابي كما يظن البعض ، بالأساس لا يمكن تعريف الديمقراطية على أنها عملية اقتراع أو صندوق انتخاب وحسب ، لقد أثبتت التجربة ، أن التعددية السياسية والعمل في إطار منظومة القوانين والتشريعات التي أقرتها الدولة ، بداية الطريق نحو التأسيس لثقافة الديمقراطية التي لا تعرفها شعوب المنطقة أو لنقل لم تصل إليها بعد .
وما يجري في الكويت اليوم ، فاق كل التوقعات والوصف ، فبات من الصعب وصف مشهده السياسي ، سوى أنه ربيع سياسي تكفله الدولة لمواطنيها وربيع اجتماعي شارك فيه المواطنون وقالوا كلمتهم فيه ، وما يعزز ثقافة الديمقراطية هذه ، ليس صندوق الانتخاب كما قلنا ولا الندوات السياسية أو المنتديات ولا حتى الخطب الحماسية لتيار سياسي بعينه ، إنما شعور المواطن بمواطنيته التي توجب عليه الانخراط في الدولة وبذات الوقت تكفل له المشاركة الفاعلة وتمثيل ما يستطيع تمثيله من شرائح المجتمع ، وترك الباب مفتوحاً أمام ممارسة النقد ، وهو نقد وصل في الآونة الأخيرة إلى حدود ، أوجبت إعادة تفعيل الحياة السياسية في كل مرة .
إن ربيع الديمقراطية في الكويت أوشك أن يزهر ، وما يحصل من مخاض ، دليل على سلامة ما يحمل في ثناياه ، وهو أيضاً مؤشر حقيقي على صحة تجربته الديمقراطية ، من هنا لا مجال للخوف من أي تداعيات محتلمة عليه ، بسبب ما شهدناه في السنوات الثلاث الماضية من شد وجذب وصل إلى حدود لم يصل لها لا في لبنان ولا في مصر ، فلكل تجربته ولكل ربيعه الديمقراطي سواء في لبنان أو مصر التي تشهد انطلاقة ديمقراطية ستكون هي الأكبر من نوعها نظراً لتراكمية حراكها وتشعبات حياتها السياسية وقوة الدولة فيها ، بعكس سورية التي تعيش اليوم ضمورا سياسياً وديمقراطياً ، بعدما كانت تجربتها الديمقراطية في الأربعينات والخمسينات أول تجربة عرفتها المنطقة .
أما الأزمة السياسية التي مر بها الكويت ، فهي كما قلنا مخاض لا بد منه ، وهي دليل على الوصول لمرحلة الحل النهائي ، ولرب قائل يقول ، هذه هي الديمقراطية ، التي تعني الصخب والنقد والرأي الآخر سواء كان في حدوده الدنيا أو العليا .
أخيراً ، لكل تجربة تاريخها ، والتجارب الديمقراطية تنطلق دائماً من حدث تاريخي لكل بلد بعينه ، ولعل اجتياح الكويت في مطلع تسعينات القرن الماضي ، كان حدثاً تاريخياً في حياة الكويت الذي رد عليه ويرد اليوم ، بأمضى سلاح في العصر الحديث ، سلاح الديمقراطية والكلمة الحرة .
حقاً إن ديمقراطية الكويت جواد لا يكبو ، لكنه جواد عربي ، وهذا ما يجعلنا أكثر تفاؤلاً ، فعسى أن يصحو جوادنا
.

Thaaer-1@hotmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق