الخميس، 7 مايو 2009

بهلوانية ترويكا الممانعة

ثائر الناشف

"عليكم أن تقصروا ألسنتكم وتفتحوا آذانكم جيداً " هذه إحدى عجائب وطرائف رئيس الثورة الإيرانية العابرة للحدود والشرعيات الوطنية ، وقد لا نفاجأ إذا ما وجدنا اسم احمدي نجاد يتصدر العجائب السبع بتصريحاته العنترية حيناً والاستعلائية الذاتية والنفسية حيناً آخر .
ربما انطوت مقولته هذه، التي تفوه بها من قلب المحور الآخر ، أي من دمشق التي زارها تضامناً مع صمودها وتصديها لذاتها المهجوسة بالخوف الأعمى من ظلها قبل خوفها من الآخرين ، فما بالنا بخوفها من إسرائيل التي يتوعدها نجاد في كل وقت وحين ، ولا ندري إن كان القصد النجادي يعني إسرائيل وحسب ، أم أنه قصد كل من هو خارج خطوط وحدود ترويكا الممانعة والممتد هذه المرة ليس هلالياً ، حتى لا يحاجج أصحابه بتهمة الطائفية والمذهبية ، بل سياسياً من طهران إلى دمشق كما درجت العادة قديماً وحديثاً باتجاه الدوحة ، التي تحاول ما بوسعها أن تسابق الزمن في اغتنام الفرص المتاحة لتحقيق أكبر قدر من المكاسب والحضور السياسي ، لكن من دون أن تعلم أن تقاطعاتها المتعجلة ، حتى لو تقاطعت مع الخط الإيراني السوري كما في حصل في قمة الدوحة الأولى ، لن تؤتي أكلها ، لا في الحاضر ولا في المستقبل ، فإيران تعتبر نفسها صاحبة الدور الأساسي في المنطقة ، ومن تتقاطع مصلحته المرحلية مع مصالحها ، كحال النظام السوري الذي يؤكد أن علاقته بإيران تحكمها المصالح أولاً ، ويتوهم عندما يقول إن رؤيته تجاه إيران صحيحة وإن إيران تشاركه هذه الرؤية الثاقبة ، لأن النظام الإيراني يعتبر نفسه كما أشرنا حجر الأساس في منح الآخرين الحركة السياسية ، والذين سيتحولون أتوماتيكياً بفعل تلك الحركة الميكانيكية الممنوحة لهم نتيجة قلة فاعليتهم السياسية إلى أتباع بحسب الفكر السياسي الإيراني المعاصر ، كالنظام السوري الذي وجد نفسه محاصراً بعيد سقوط النظام العراقي ، وغارقاً في أزماته ومعزولاً بعيد اغتيال الرئيس رفيق الحريري ، وإلى مرزبانات مأمورين بأوامر التاج الفارسي ، وفق الوصف القديم .
وبين الوصفين القديم والجديد ، لا يختلف الحال كثيراً ، لطالما بقي التقليد واحداً لم يتغير في مضمونه إلا ما ندر ، وهذا بدوره يساعد في فهم مرامي السياسية الإيرانية التي تتجه دوماً نحو مناطق الضعف حتى لو بعدت عنها آلاف الأميال ، وكذلك المجاورة لها التي تشكل خاصرتها الرخوة ، فعندما نقتبس من التاريخ بعض الوقائع ونطابقها مع وقائع اليوم ، سيتأكد لنا مدى تطابق وقائع الماضي مع مجريات الحاضر في السياسية الإيرانية .
ولعل سياستها مع عرب العراق الخاضعين لحكمها قديماً هي ذاتها مع عرب اليوم مع فارق العصور ، وتآمرها على ملكة تدمر (سورية) زنوبيا التي أبت أن تصبح ريشة في ذيل الغرور الفارسي رغم حصار الرومان الخانق الذي أدى إلى ما أدى إليه ، بعكس واقع سورية اليوم التي قبلت بعدما انقلبت على أمرها أن تكون عمقاً استراتيجياً ورأس جسر في منظومة النفوذ الإيراني ، اعتقاداً منها بصوابية رؤيتها السياسية ، لأن مَن يمتلك الرؤية هو القوي في السياسية .
والسؤال الموجه لترويكا الممانعة ، إذا كانت القوة السياسية محددة شرطاً بامتلاك الرؤية الصحيحة ، فهل يكون مفعولها وجوهر وجودها محدداً فقط عبر تلك التصريحات البهلوانية ، التي تقول الكثير- الكثير ولا تفعل سوى القليل ، وأن فعلت ، فإن فعلها لا يخلو من شبهة التآمر ، والتاريخ خير شاهد .
Thaaer-1@hotmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق