السبت، 17 أكتوبر 2009

دمشق - طهران .. والسير في حقل الألغام




بعد نجاح سياسة الابتزاز التي أصبحت من اللوازم الأساسية لسياسة النظامان السوري والإيراني تجاه منطقة الشرق الأوسط الموبوءة بالأزمات المشتعلة ، يجري التلويح بين الحين والآخر بصيغة ، أنه لطالما كانت مفاتيح الحل بيد دمشق وطهران ، فإن عواصم القرار الدولي والإقليمي ، ستحط رحالها تباعاً في عاصمتي التأزيم والحل ، كما جرى مع الرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي بخصوص أزمة الرئاسة اللبنانية ، ومع الغرب بخصوص الملف النووي الإيراني .
دمشق وطهران ، نجحتا وبدون أدنى شك في إتقان سياسة خلق الأزمات ، بما يشبه الفوضى البناءة ، ومن ثم بيع الحل لمن يهمه الأمر بأثمان مختلفة ، فسياستهما تقارب في كثير من الأحيان حافة الهاوية ، فهما كمن يزرع ألغاماً في حقل يتجه طريقه نحو الأمام ، فلاهما يستطيعان العودة إلى الوراء ، ولا غيرهم يستطيع التقدم للأمام ، نظراً لخطورة الألغام ، وانعدام معرفتهم بخريطة انتشارها .
وبما أن الكوارث الناجمة عن تلك الألغام ، خطيرة وكبيرة وضحاياه كُثُر ، فإن مصلحة الآخرين في نزع فتيلها تبدأ أولاً من مفاوضات هدفها النهائي ، الحل مقابل الثمن ، والحل يتجلى في نزعهما للألغام ، التي قاما بزرعها في لبنان حيث يوجد حزب الله ، وفي اليمن جماعة الحوثي ، وفلسطين توجد حماس ، وفي العراق خليط لا ينتهي من الألغام ، عدا عما يوجد في السودان الخليج العربي .
هذا بالنسبة لطريق الحل، أما الثمن المطلوب تقديمه، يتأكد في ضمان عودتهما من الضفة الأخرى فوق حقل الألغام، كقوة إقليمية لا يستهان بقدرتها، والاعتراف بدورهما المباشر في المنطقة.
لعل المصالحة العربية التي لم يكتمل عقدها بعد ، تدخل في إطارها العام ضمن النيات الحسنة لمن تمناها لصالح المنطقة ، لكن اكتمالها لازال مشروطاً حتى الساعة بالتفاهم على رزمة القضايا ، قبل الشروع في تنقية الأجواء ومصارحة النفس ، لهذا بدت المصالحة على هيئة مصالحات ثنائية ، لأجل المصالح أولاً ، وليس لأجل الصالح العربي أو الإقليمي .
ولطالما كانت ملفات المنطقة كثيرة ومتشعبة ، فإننا أمام عدة حقول ، لكل حقل منها خفير إقليمي يتلقى إشارة البدء أو التوقف حسب المناخ السياسي ، والمثير في الأمر ، أن مبدأ الفوضى البناءة الذي أطلقته إدارة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش ، جار العمل به ، ليس من إدارة الرئيس اوباما التي تبحث عن المخرج الملائم بعدما ضمنت مصالحها ، بل من دمشق وطهران اللتين تقفان ظاهرياً في الاتجاه المعاكس لخط واشنطن ، وعملياً تجلسان أمام طاولة التفاهم معها أو مع من ينوب عنها .
تلك هي سياسة الابتزاز الخشنة بعدما تلبدت سياسة القوة الناعمة ، وعلى المنطقة التآلف معها ما أمكن .
كاتب عربي
Thaaer-1@hotmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق