ثائر الناشف
ليست إسرائيل مجبرة بالدفاع عن سورية، لكنها وبكل تأكيد في أشد الدفاع عن نظام الأسد دون غيره من النظم العربية التي ناصبتها العداء الحقيقي ولرب سائل أن يسأل، ما سر دفاع إسرائيل عن نظام الأسد وحده ؟ الجواب عن هذا السؤال ليس له علاقة باحتلالها الجولان ، والتقاعس السوري عن تحريره ، كما فعل الرئيس المصري الراحل أنور السادات الذي دفع حياته ثمناً لإعادة جزيرة سيناء (حوريب - أرض الخراب) في الحرب والسلم ، فالجولان أرض خصبة ، ليس من السهل التنازل عنها توراتياً ، ومع ذلك لو أراد الأسد استرجاعها لاستطاع حرباً أو سلماً . إن سر الدفاع الإسرائيلي عن نظام الأسد ، يكمن في بنية نظام السوري الذي يتطابق من الناحية النظرية والعملية ، مع ما تريده إسرائيل ، فهي ومن دون شك ، لا تخفي رغبتها في حكم الأقليات المذهبية المحيطة بها ،كما لا يخفى على أي مراقب ، التركيبة الطائفية التي يتركب منها النظام الحاكم في سورية.مهما حاول النظام السوري أن ينفي عن نفسه صفة الطائفية بوجهيها المذهبي والسياسي ، إلا أن إسرائيل وبدفاعها المستميت عنه، تبقى الحصن الأخير لهذا النظام الطائفي، الذي تزامن وجوده مع بداية الانطلاقة الفعلية لإسرائيل كقوة إقليمية صاعدة بعد العام 1967 ، وقد يتساءل البعض مفنداً ، أين يظهر هذا الدفاع وما هو شكله ؟ إن الدفاع الإسرائيلي عن نظام الأسد ، في حقيقته ، دفاع غير مباشر يظهر في العديد من المحافل الدولية التي يجد النظام نفسه فيها مأزوماً ، كالعزلة الأخيرة التي أعقبت خروج النظام السوري من لبنان ، إثر اغتيال رئيس حكومته رفيق الحريري ، عدا عن التطبيع الفاتر ، الذي بدأت معالمه تتكشف من خلال اللقاءات السرية والعلنية في واشنطن وغيرها من العواصم الغربية ، ولربما جاءت هذه اللقاءات الغامضة للتفاهم على بعض الأمور السياسية التي تستعصي على العقل فهمها وإدراكها.فمن جملة هذه الأمور التي يظن الإنسان العادي في منطقة الشرق الأوسط أن النظام السوري يتصدى لها بكل صمود وممانعة ، إلا أن هذا " التصدي المزعوم" له حدوده وخطوطه الحمر ، التي أشار اليها وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان ، حين أبلغ الأسد بأن يلزم حدود " التفاهمات السرية" بين إسرائيل ونظام الأسد ، وهي تفاهمات لا علاقة لها بالسلام أو بالتطبيع .فإسرائيل تعلم يقيناً ، أن الشعارات الرنانة التي أطلقتها الإذاعات العربية في عقدي الخمسينات والستينات من القرن الماضي وفي أوج مرحلة المد القومي ، لم تؤثر فيها عسكرياً ، بقدر ما أفادتها سياسياً في عميلة التوظيف الداخلي لشحذ همم المجتمع الإسرائيلي ، كما تعلم إسرائيل أيضاً ، أن نظام الأسد العروبي - الطائفي ، لا يستطيع أن يصمد أو يستمر في الحفاظ على شرعيته الثورية في السلطة من دون الضرب بجلدها ، أي جلد إسرائيل ، وذلك من خلال استنساخ الشعارات نفسها ، التي لا تؤثر فيها بشيء ، وفي الوقت ذاته توحي للرأي العام بخصومة الأسد العميقة ، وأن المعركة بينهما طويلة الأمد ، فعدم استمرار تلك " المعركة الشعاراتية " يعني انتهاء شرعية الأسد ، بمعنى انتهاء صلاحيته في عيون وقلوب الشارع العربي المشحون بمشاعر الصمود والنصر، بل أن إسرائيل، ذهبت إلى أبعد من ذلك في استجابتها المباشرة لاستمرار " صمود الأسد" ، فلكي تقطع الشك باليقين ، فإنها سمحت للنظام في دمشق باستثمار العلاقة بينه وبين "حزب الله" وحركة "حماس" ، ضمن حدود تظهر النظام السوري بصورة النظام المقاوم لإسرائيل ، في ما يشبه صناعة العدو الوهمي ، لأغراض سياسية معينة يحتاجها الطرفان ، وفي الوقت ذاته يظهر النظام السوري نفسه كصمام أمان لأي خطر إسلامي محتمل يهدد مستقبل المنطقة من الأصولية الإسلامية بشقيها السني "القاعدة والشيعي" (حزب الله) ، الذي يعمل تحت أعين دمشق ، وبما تميله الرغبة الإسرائيلية.كما أن كل تجاوز في العلاقة غير المباشرة بين نظام الأسد الأقلوي- الطائفي وبين إسرائيل ، تعمد الأخيرة إلى تصحيحه وتعديله ، من خلال الرسائل الساخنة التي دأبت على إيصالها بشتى الوسائل ، كلما تجاوزت دمشق حدود تلك العلاقة ، وهي رسائل بدأ ظهورها الفعلي يتوالى منذ العام1975 ، الذي شهد الحرب الأهلية في لبنان بفعل وجود الفصائل الفلسطينية التي تولى الأسد تصفيتها ، استجابة للرغبة الإسرائيلية من جهة ، وبذريعة الحفاظ على الوجود المسيحي في الشرق من جهة ثانية . أما أسخن تلك الرسائل, تمثل بقصف إسرائيل لموقع الكبر النووي في العمق السوري، والذي شكل بناؤه تخطياً لحدود العلاقة معها، من دون أن يرد النظام السوري، لئلا تنقطع خيوط تلك العلاقة، والتي بدأت معالمها تتضح على خلفية تصريحات ليبرمان المثيرة للجدل.
كاتب سوري
http://thaaer-thaaeralnashef.blogspot.com/
ليست إسرائيل مجبرة بالدفاع عن سورية، لكنها وبكل تأكيد في أشد الدفاع عن نظام الأسد دون غيره من النظم العربية التي ناصبتها العداء الحقيقي ولرب سائل أن يسأل، ما سر دفاع إسرائيل عن نظام الأسد وحده ؟ الجواب عن هذا السؤال ليس له علاقة باحتلالها الجولان ، والتقاعس السوري عن تحريره ، كما فعل الرئيس المصري الراحل أنور السادات الذي دفع حياته ثمناً لإعادة جزيرة سيناء (حوريب - أرض الخراب) في الحرب والسلم ، فالجولان أرض خصبة ، ليس من السهل التنازل عنها توراتياً ، ومع ذلك لو أراد الأسد استرجاعها لاستطاع حرباً أو سلماً . إن سر الدفاع الإسرائيلي عن نظام الأسد ، يكمن في بنية نظام السوري الذي يتطابق من الناحية النظرية والعملية ، مع ما تريده إسرائيل ، فهي ومن دون شك ، لا تخفي رغبتها في حكم الأقليات المذهبية المحيطة بها ،كما لا يخفى على أي مراقب ، التركيبة الطائفية التي يتركب منها النظام الحاكم في سورية.مهما حاول النظام السوري أن ينفي عن نفسه صفة الطائفية بوجهيها المذهبي والسياسي ، إلا أن إسرائيل وبدفاعها المستميت عنه، تبقى الحصن الأخير لهذا النظام الطائفي، الذي تزامن وجوده مع بداية الانطلاقة الفعلية لإسرائيل كقوة إقليمية صاعدة بعد العام 1967 ، وقد يتساءل البعض مفنداً ، أين يظهر هذا الدفاع وما هو شكله ؟ إن الدفاع الإسرائيلي عن نظام الأسد ، في حقيقته ، دفاع غير مباشر يظهر في العديد من المحافل الدولية التي يجد النظام نفسه فيها مأزوماً ، كالعزلة الأخيرة التي أعقبت خروج النظام السوري من لبنان ، إثر اغتيال رئيس حكومته رفيق الحريري ، عدا عن التطبيع الفاتر ، الذي بدأت معالمه تتكشف من خلال اللقاءات السرية والعلنية في واشنطن وغيرها من العواصم الغربية ، ولربما جاءت هذه اللقاءات الغامضة للتفاهم على بعض الأمور السياسية التي تستعصي على العقل فهمها وإدراكها.فمن جملة هذه الأمور التي يظن الإنسان العادي في منطقة الشرق الأوسط أن النظام السوري يتصدى لها بكل صمود وممانعة ، إلا أن هذا " التصدي المزعوم" له حدوده وخطوطه الحمر ، التي أشار اليها وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان ، حين أبلغ الأسد بأن يلزم حدود " التفاهمات السرية" بين إسرائيل ونظام الأسد ، وهي تفاهمات لا علاقة لها بالسلام أو بالتطبيع .فإسرائيل تعلم يقيناً ، أن الشعارات الرنانة التي أطلقتها الإذاعات العربية في عقدي الخمسينات والستينات من القرن الماضي وفي أوج مرحلة المد القومي ، لم تؤثر فيها عسكرياً ، بقدر ما أفادتها سياسياً في عميلة التوظيف الداخلي لشحذ همم المجتمع الإسرائيلي ، كما تعلم إسرائيل أيضاً ، أن نظام الأسد العروبي - الطائفي ، لا يستطيع أن يصمد أو يستمر في الحفاظ على شرعيته الثورية في السلطة من دون الضرب بجلدها ، أي جلد إسرائيل ، وذلك من خلال استنساخ الشعارات نفسها ، التي لا تؤثر فيها بشيء ، وفي الوقت ذاته توحي للرأي العام بخصومة الأسد العميقة ، وأن المعركة بينهما طويلة الأمد ، فعدم استمرار تلك " المعركة الشعاراتية " يعني انتهاء شرعية الأسد ، بمعنى انتهاء صلاحيته في عيون وقلوب الشارع العربي المشحون بمشاعر الصمود والنصر، بل أن إسرائيل، ذهبت إلى أبعد من ذلك في استجابتها المباشرة لاستمرار " صمود الأسد" ، فلكي تقطع الشك باليقين ، فإنها سمحت للنظام في دمشق باستثمار العلاقة بينه وبين "حزب الله" وحركة "حماس" ، ضمن حدود تظهر النظام السوري بصورة النظام المقاوم لإسرائيل ، في ما يشبه صناعة العدو الوهمي ، لأغراض سياسية معينة يحتاجها الطرفان ، وفي الوقت ذاته يظهر النظام السوري نفسه كصمام أمان لأي خطر إسلامي محتمل يهدد مستقبل المنطقة من الأصولية الإسلامية بشقيها السني "القاعدة والشيعي" (حزب الله) ، الذي يعمل تحت أعين دمشق ، وبما تميله الرغبة الإسرائيلية.كما أن كل تجاوز في العلاقة غير المباشرة بين نظام الأسد الأقلوي- الطائفي وبين إسرائيل ، تعمد الأخيرة إلى تصحيحه وتعديله ، من خلال الرسائل الساخنة التي دأبت على إيصالها بشتى الوسائل ، كلما تجاوزت دمشق حدود تلك العلاقة ، وهي رسائل بدأ ظهورها الفعلي يتوالى منذ العام1975 ، الذي شهد الحرب الأهلية في لبنان بفعل وجود الفصائل الفلسطينية التي تولى الأسد تصفيتها ، استجابة للرغبة الإسرائيلية من جهة ، وبذريعة الحفاظ على الوجود المسيحي في الشرق من جهة ثانية . أما أسخن تلك الرسائل, تمثل بقصف إسرائيل لموقع الكبر النووي في العمق السوري، والذي شكل بناؤه تخطياً لحدود العلاقة معها، من دون أن يرد النظام السوري، لئلا تنقطع خيوط تلك العلاقة، والتي بدأت معالمها تتضح على خلفية تصريحات ليبرمان المثيرة للجدل.
كاتب سوري
http://thaaer-thaaeralnashef.blogspot.com/
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق